(كونا) — غالبا ما ينظر الى الفنون القتالية من رؤية نمطية بسيط تقتصر على مجموعة أفراد يرتدون ملابس ذات طراز خاص ويقومون بحركات فردية أو جماعية اشبه بالرقصات منها الى فنون تعتمد على الدفاع عن النفس والقتال.
لكن حينما يتم التمعن في هذه الفنون القتالية يتبين أنها متشعبة بل ولها مدارس متعددة منها ما يعتمد على التدريب التقليدي للمحافظة على بعض أشكال التراث والاعراف بينما يقوم الآخر على المنافسة بغية التأكد من جدوى الحركات والتمارين الممارسة.
وعلى غرار بقية دول العالم كان للكويت نصيب من ظاهرة “طفرة” الفنون القتالية التي حدثت مطلع سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي إثر بزوغ نجم أفلام الفنون القتالية (بروس لي) ما شجع أيضا الكثيرين على ممارسة الفنون القتالية بأنواعها كافة.
ومن أبرز الفنون التي تمارس في الكويت ال(آيكيدو) وهو فن قتالي ياباني تقليدي مقتبس من مهارات الساموراي في القتال اليدوي تم تطويره من قبل موريهي اوشيبا في عشرينيات القرن الماضي ويعتمد هذا الفن على حركات التحكم بأطراف الجسم والمفاصل ليتم رمي الخصم المعتدي باستخدام قوته لكن دون أذيته.
وتماشيا مع الروح المسالمة لفن ال(آيكيدو) يقوم أعضاء مجموعة أطلقت على نفسها اسم (جن يو غي) و أسسها مدرب ال(آيكيدو) الراحل هيروآكي إيزومي بممارسة هذا الفن النبيل في الكويت بإشراف الطالب القديم والمدرب الحالي أحمد زقزوق الذي أكد لوكالة الانباء الكويتية (كونا) أن ال(آيكيدو) هو فن السلام والواجب أن ينتشر بأي وسيلة من الوسائل وخصوصا في الفنون القتالية.
وقال زقزوق إن فن ال(آيكيدو) لا يعتمد على تمجيد المنافسة وإنما على العكس من ذلك إذ ينمي روح السلام “وهو ما دفعني الى ممارسة هذا الفن”.
من جانبه قال سعود الزيدي الذي يتدرب حاليا في تلك المجموعة الرياضية ل(كونا) إنه بدأ بممارسة ال(آيكيدو) بعد أن شجعه مؤسس المجموعة إيزومي على ذلك “حيث كان المدرب الراحل دائما ما يشجعني على التدريب رغم الصعوبات التي واجهتها في ممارسة الفنون الأخرى”.
وبسؤاله عن الفرق بين الفنون القتالية التقليدية والتنافسية أوضح الزيدي أنه لا يرى فرقا شاسعا بينهما “لكن الفنون التقليدية تطمح الى المحافظة على التراث أكثر وإلى حد ما تقوم الفنون القتالية التنافسية على المبدأ ذاته لكن بطرق أخرى”.
وذكر على سبيل المثال فن ال(كندو) أو المبارزة اليابانية “وهو فن تنافسي ما كان ليبقى دون وجود الفن القديم و هو ال(كنجتسو) أي فن السيف الذى كان يستخدمه الساموراي القدماء.” من جهته قال حلمي عياش و هو ممارس سابق لفن التايكوندو والكيك – بوكسينغ إنه أراد منذ وقت طويل ممارسة الفنون التقليدية لافتا إلى أن بدايته في ال(آيكيدو) كانت مضطربة الى حد ما نظرا للاختلاف الجذري بين الفنون التقليدية والتنافسية لكن بعد مدة استطاع التأقلم مع الوضع نتيجة التشجيع المتواصل من المدربين.
الى ذلك وفي مقابل فن ال(آيكيدو) تم استحداث فن معاصر يسمى ب (ام.ام.ايه) أو فنون القتال المختلط التي تعتمد على ممارسة فنون عدة منها الملاكمة والمصارعة والجودو والكراتيه والجوجتسو البرازيلية والى ما هنالك.
وفي عام 1993 برزت فكرة الفنون القتالية المختلطة حين اقيمت بطولة ال(اولتيمت فايتنغ شامبيونشيب) أو بطولة القتال المطلق في الولايات المتحدة الامريكية وكانت بداية البطولة دامية وقوية ما أدى الى حظرها في معظم الولايات هناك.
ولتفادي الدعاية السيئة قام المشرفون على بطولات قتال المختلط بتقنين وتطوير قوانين اللعبة حتى أصبحت منتشرة في عدة دول ومنها الكويت.
وقال أحمد البصيري وهو من أبرز ممارسي الفنون القتالية المختلطة في الكويت ورئيس فريق (تيم بي واتر) ل(كونا) إن هذا الفن حصل على اهتمامه بعد أن مارس فن ال(جيتكندو) وهو فن قام بروس لي بتطويره عام 1967 بعد سنوات من ممارسة فنون صينية تقليدية.
وأضاف البصيري أن انتقاله الى القتال المختلط كان انسيابيا نوعا ما نظرا لتشابه فلسفة ال(ام.ام.ايه) مع ال(جيتكندو).
وأوضح أن ثقافة الفنون القتالية المختلطة تعتمد على أن يكون الممارس جاهزا للقتال مع أي فن وعلى سبيل المثال يجب أن يكون ممارس التايكوندو مستعدا لمجابهة مصارع من خلال التدريب على تكتيكات تعتمد على التخلص من القتال الارضي.
وبشأن فكرة العنف الدامي الذي يتخلل القتال المختلط أفاد بأن ال(ام.ام.ايه) تحكمها قوانين مثل أي رياضة قتالية أخرى كالملاكمة مضيفا ان معدل الاصابات كان ايضا مماثلا لرياضات أخرى وفعلا تم خفضها إلى ادنى مستويات.
بدوره قال محمد العتيبي ل(كونا) وهو أيضا ممارس لفنون القتال المختلط و عضو في الفريق إنه بدأ مشواره في فنون القتال بممارسة الكراتيه والكونغ فو قبل أن ينتقل الى ممارسة فنون القتال المختلط عام 2008 وتدربه مع زميله البصيري في فن ال(جيتكندو).
وأكد العتيبي أن ال(ام.ام.ايه) مميز فعلا لاشتماله على عدة فنون ما حقق قفزة نوعية بفنون القتال ككل مبينا ان فنون القتال المختلطة ليست بذلك العنف الذي تصور به حيث أن الملاكمة التي توسم بأنها فن نبيل تتخللها اصابات عالية بالرأس اذا ما تمت مقارنتها بال(ام.ام.ايه).
وذكر أن فنون القتال المختلط متاحة أمام الجميع وهي ليست فنا يعتمد على المنافسة بل على العكس من ذلك إذ أن هناك اشخاص يتدربون فقط من أجل التدريب ليس إلا.
ويمكن القول في الخلاصة أنه سواء كان هناك فرق شاسع بين الفنون القتالية التقليدية أو التنافسية إلا انها تجتمع في المحصلة في سعيها الى تطوير الذات وتهذيبها والاتصاف بالروح الاخلاقية عبر التدريبات الجسدية والروحية.(النهاية) ج ت ا / ت ب
المصدر : http://www.kuna.net.kw/ArticleDetails.aspx?id=2402884&language=ar