المصدر : http://www.emaratalyoum.com/life/four-sides/2014-10-12-1.717303
تشتهر اليابان على الصعيد العالمي بأنها معقل الصناعات الإلكترونية المتطورة، ولذلك تمتاز العاصمة طوكيو بالكثير من المظاهر الحضارية الحديثة، شأنها في ذلك شأن معظم المدن الأوروبية والأميركية الكبرى، في حين تعد مدينة كيوتو بمثابة الكنز التاريخي لليابان، إذ تزخر بالعديد من المعابد والمزارات الدينية.
وعند زيارة المدينتين ينطلق السياح في رحلة بعيدة عبر الزمن للتعرف إلى تاريخ الساموراي مع استشراف مستقبل في إحدى المدن العالمية الكبرى.
وعندما يخيم الظلام على العاصمة اليابانية طوكيو تسطع ألوان النيون في كل مكان، إذ تندفع الأضواء الملونة صعوداً وهبوطاً على واجهات المباني في حي شينجوكو، الذي يعد أرقى أحياء المدينة.
وتزدحم الشوارع بالمارة، سواء كانوا من السياح الوافدين أو السكان المحليين، ويظهر بنوافذ العرض بمتاجر الإلكترونيات أحدث الموديلات، ويتم تشغيل جميع أجهزة التلفاز في الوقت نفسه، وتنبعث رائحة شواء الوجبة الخفية (ياكيتوري) من الأزقة الضيقة المنتشرة في المدينة العامرة. وأثناء جولة السياح في العاصمة اليابانية يمكنهم مشاهدة إحدى السيدات الأنيقات التي تجلس وفي يدها سيجارة، وعندئذ يتخيل المرء أنه يجلس في مقهى فاخر بأحد الشوارع الباريسية. وتزخر طوكيو بأجواء من الفخامة والرقي، وتكتسي ثوباً من الحداثة والعصرية يشعر معها السياح بأنها نسخة من الرقي والحضارة الغربية.
ويحاول السياح تصنيف انطباعاتهم في هذه المدينة الكبيرة؛ إذ يظهر الشباب بجسم مفتول العضلات مع ارتداء أحذية باهظة الكلفة، مع تسريحات غريبة بواسطة جل الشعر، وتظهر سيدات المجتمع في العاصمة طوكيو في غاية الأناقة والرقي، وعادةً ما يحملن حقائب يد باهظة الثمن لأشهر الماركات العالمية. وتزخر منطقة التسلية والترفيه كابوكيتشو بالعديد من النوادي.
وينتاب السياح شعور بأنهم قد سافروا 10 سنوات في المستقبل بمجرد وصولهم إلى طوكيو، خصوصاً في محطة شينخوكو، التي يستخدمها نحو 5ر3 ملايين راكب يومياً، وتالياً فإنها تعد أكبر محطة قطارات في العالم؛ إذ يخيل للسياح أنها عبارة عن متاهة من الممرات، ولا تبدو هناك نهاية لمنصات الصعود أو السلالم المتحركة في المحطة، ومع ذلك لا تبدو أي مظاهر للفوضى في المحطة، ولا يصطدم الركاب ببعضهم بعضاً، بل يصطف اليابانيون في منتهى النظام أمام أبواب القطارات، ولذلك تشتهر طوكيو بتفوق النضج الحضاري لسكانها.
وعلى الجانب الآخر، تظهر مدينة كيوتو بصورة مختلفة تماماً عن العاصمة اليابانية طوكيو، فعندما يصل يسافر السياح إليها بواسطة القطار السريع شينكانسن، فإن أول ما يشاهدونه في هذه المدينة محطة السكك الحديدية التي تمتاز بالبهو الكبير بطول 500 متر مع السقف الزجاجي.
رحلة
بمجرد أن تطأ أقدام السياح الشوارع، ويتجولون في الأزقة الضيقة فإنهم يشاهدون يابان ما قبل الحداثة؛ حيث لا يُسمح بتشييد المباني العالية في مدينة كيوتو، وتزخر هذه المدينة التاريخية بالعديد من المعابد والقصور وحدائق زن، إذ يحتاج السياح أياماً عدة لزيارة كل هذه الكنوز الأثرية. ويشعر المرء أثناء زيارة كيوتو بأنه انطلق في رحلة مختلفة إلى الماضي العريق لليابان. وتم تشييد المدينة الإمبراطورية خلال القرن الثامن الميلادي، وصممت على غرار رقعة الشطرنج، وظلت مدينة كيوتو هي المركز السياسي والديني في اليابان لقرون عدة.
ومع بداية صعود الساموراي، وهم طبقة المحاربين القدماء في اليابان، وبداية فترة توكوغاوا، انحصرت أهمية مدينة كيوتو وتقلص تأثيرها، وأصبحت مدينة إيدو، المعروفة باسم طوكيو حالياً، هي المركز السياسي والعسكري للسلطة الجديدة.
وأثناء جولة السياح في حي جيون القديم فإنهم يشاهدون سلسلة من المطاعم الفاخرة بجوار بعضها، ودائماً ما يتم تعليق ستارة أمام الباب المطاعم، ونظراً لتساقط الأمطار على المنطقة قبل قليل، فإن قطرات الماء لاتزال تتساقط من الأسقف البارزة. وتظهر أشجار ونباتات الزينة في الشرفات الصغيرة، وتقدم إحدى فنانات الغيشا اليابانية العروض الترفيهية التقليدية على الأسفلت الذي أغرقته الأمطار.
سرادق ذهبي
يمتاز معبد كينكاكوجي، الذي يقع شمال مدينة كيوتو، بسرادق ذهبي وراء بركة مياه كبيرة، والتي ينعكس على صفحتها المبنى المغطى برقائق الذهب كاملاً. وخلال عام 1950 أشعل طالب بوذي النار في المعبد بزعم أنه لم يقدر على تحمل روعة وجمال البناء، وذلك بحسب ما وصفه الكاتب يوكيو ميشيما في كتابه «حريق المعبد».
وبعد هذا الدمار أُعيد بناء السرادق من جديد، وتمت تغطية جدرانه برقائق الذهب كاملاً مرة أخرى. ويعد معبد كينكاكوجي من الأماكن المثالية للتأمل الهادئ، خصوصاً في الأيام التي يقل فيها عدد زواره بسبب تساقط الأمطار، ففي مثل هذه الأوقات ينعم السياح باسترخاء عميق، ويستمر في التحرك بين جنبات المعبد لسبب غير واضح.
وعلى الجانب الآخر، لا يتوافر وقت كافٍ لسكان العاصمة اليابانية طوكيو للتأمل في جو من الهدوء والسكينة؛ إذ أصبحت المدينة بمثابة نافذة عرض كبيرة لتقديم أحدث صيحات الموضة وأحدث الإبداعات والابتكارات التكنولوجية، التي تصل إلى الأسواق العالمية الأخرى في الموسم التالي.
وإذا رغب السياح في رسم صورة عن مدينة طوكيو فيتعين عليهم الذهاب إلى حي شيبويا، الذي يعد من أهم مراكز الأعمال في العاصمة اليابانية، ويشتهر هذا الحي بمجال الموضة، خصوصاً بين الشباب، وتنشط فيه الحياة خلال الفترة المسائية. وتصطف المتاجر بجوار بعضها بعضاً في شارع تكشيتا، ويشاهد السياح أثناء تجولهم في هذا الشارع العديد من المصورين وهم يقومون بالتقاط صور الأزياء الحديثة سواء كان ذلك لمجلة موضة عالمية أو مدونة غير معروفة في عالم الموضة.
وقال أستاذ التاريخ المقارن بجامعة أوساكا، البروفيسور فولفغانغ شفينتكير، إن طوكيو تستهلك الكثير من الطاقة، وإذا كانت هذه المدينة دولة، فإن الناتج المحلي الإجمالي لها أكبر من الناتج المحلي لبلد مثل تايلاند. وبالطبع لا يوجد مركز واحد في المدينة، لكن هناك عشرات المراكز الحيوية بالعاصمة اليابانية طوكيو، ويكفي إلقاء نظرة على خريطة خطوط المترو، التي تبدو كأنها رُسمت بأقلام ملونة بواسطة أنامل طفل صغير.
طبيعة تاريخية
قال أستاذ التاريخ المقارن بجامعة أوساكا، البروفيسور فولفغانغ شفينتكير، إن مدينة كيوتو لاتزال محتفظة بطبيعتها التاريخية ولم تطرأ عليها مظاهر الحداثة الجذرية، وتشكل المباني التمثيلية الطابع المميز لصورة المدينة، وتمتاز بالعديد من الجوانب الجمالية والتراثية.
محطات
من غير المألوف في العاصمة اليابانية طوكيو أن يتنقل الموظفون في وسائل المواصلات ساعتين أو ثلاثة كي يصلوا إلى مقر عملهم، لكنهم دائماً ما يسكنون بجانب محطات السكك الحديدية الرئيسة. كما أنه من الأفضل بالنسبة للسياح الإقامة في الفنادق القريبة من النقاط الرئيسة لشبكة المواصلات العامة، وإلا فإنهم سرعان ما يفقدون بوصلتهم في هذه المدينة الصاخبة.