عادة ما تقتصر رياضة الملاكمة على الرجال في قطاع غزة. لكن فتيات هناك خرجن عن المألوف وأصبحن يمارسن هذه الرياضة، ما جلب لهن انتقادات من الاهل والأصحاب بشكل مستمر.
في غزة، تحاول مجموعة من الفتيات كسر نمطية المجتمع التي تحيط برياضة الملاكمة، متخطين بذلك، حدودًا وهمية صنعتها العادات، ومنعتهم عن ممارسة هواياتهم المختلفة.
تقف الفتاة شهد أمام حلبة صغيرة في نادٍ رياضي وسط غزة، تنفض يديها، تُلين عضلاتها، ثم تنزل إلى الحلبة للتدريب أو لمنافسة أقرانها. “في الحلبة، أجد عالمي الذي أحبه، حركة مطوقة بحبال، ما أجمل الملاكمة”، تقول الفتاة شهد أيوب (13 عامًا) عن علاقتها مع رياضة الملاكمة.
شهد كغيرها من الفتيات، كانت حتى وقت قريب تنظر إلى رياضة الملاكمة عبر الإنترنت، وتتمنى أن يتاح لها فرصة قريبة لممارستها. الآن بات الأمر ممكنًا، تبتسم شهد، وتُكمل، بعد أن باتت لاعبة في إحدى مراكز التدريب المتخصصة للفتيات في غزة: “الملاكمة، شيءّ أحبه، كبر معي، وسيكبر أكثر”.
تحكي شهد، أنها واجهت كثير من العراقيل في سبيل ممارسة الملاكمة، خصوصًا أن الدارج في غزة حول رياضة الملاكمة، إنها رياضة خاصة بالذكور. وتقول: “شأن الملاكمة كأغلبية أنواع الرياضة، فور أن تسأل عنها، تجد عبارة: هاد للشباب بس، تعترض طريقك دائمًا”.
يحيط بأنواع عديدة من الرياضة في غزة، هالة ذكورية، لكن مؤخرًا بات هناك سعي لاختراق هذه الهالة والتخلي عنها، كما يقول المدرب في المركز “الأولمبي” المخصص لتدريب الفتيات، أسامة أيوب.
ويوضح أيوب وهو مدرب ملاكمة، أن رياضة الملاكمة رياضة خطرة إلى حد ما، وتحتاج إلى إمكانات وتجهيزات سلامة عالية. لكن في غزة، هناك فقر كبير في هذه المعدات. ويلفت إلى أنه رغم غياب الإمكانيات، فإن المركز الذي يعمل به حقق خطوات متقدمة في تدريب الفتيات وغيرهم على أنواع مختلفة من الرياضة.
بالعودة إلى شهد، فإنها تطمح بشكل كبير إلى ممارسة رياضة الملاكمة بشكل مستمر ومحترف، وتأمل في أن تتمكن من تمثيل بلادها في المحافل الدولية. تقول: ” أنا الآن أتدرب في حلبة صغيرة. أتمنى أن أقف في يومٍ من الأيام في حلبة دولية، وأنا أرتدي زي بلادي”.
تشارك شهد الحلم، الفتاة لانا دويري (15 عامًا)، إذ تقول، إن: “رياضة الملاكمة، واحدة من أهم أنواع الرياضة”. “وعلى عكس السائد” تضيف لانا: ” من المهم أن تمارس الفتيات رياضة مثل الملاكمة وغيرها من الفنون القتالية”.
وتبيّن أنها تلعب في نواد مختلفة، فنونًا قتالية ورياضة الملاكمة، وتقول، إن الرياضة بمختلف أنواعها، عززت ثقتها بنفسها، وباتت شخصيتها أكثر تحديًا وثقة في حديثها وحياتها. وتحكي أنها كانت تتابع الملاكمة والفنون القتالية على الإنترنت بشكل مستمر.
تقول: ” كنت أحاول دائمًا تقليد الأبطال العالميين، لكن بعد أن أصبحت لاعبة في نواد حقيقية، أصبح الأمر أكثر متعة وفائدة”.
وتنتقد الشابة الآراء المتمسكة بالعادات القديمة، مبينة أن الفتيات لهن الحق كما الذكور: “لا أحد يختلف عن الأخر”، تقول بصوت عالٍ. وتروي أنها فور أن علمت بأن هناك أماكن في غزة، تعلّم رياضة الملاكمة والفنون القتالية، طلبت من والدها تسجيلها. وتذكر أن والدها، كان فرحًا بسماع رغبتها في لعب رياضة الملاكمة والفنون القتالية.
وتوضح أن دعم الأسرة، مهم جدًّا لكل الفتيات: ” في حال تلقت الفتاة دعم أسرتها، فإن ذلك، يعني أنها تلقت دعم العالم كله، وإثر ذلك، ستجد شغفها يسابقها في الوصول إلى الأشياء التي ستختارها، لذلك، لو كان لي رسالة لكل الأسر، فهي أن تكون خير عون لبناتها”.