حقق نبيل عنان خلال مسيرته حتى اليوم إنجازاتٍ تفوق ما يحققه معظم المقاتلين طوال حياتهم. يواصل بطل العالم المؤقت في المواي تاي عن فئة وزن الديك، البالغ من العمر 21 عاماً، إثبات أنّ العمر مجرد رقم عندما تمتزج الموهبة بالتفاني الراسخ.
النجم الجزائري-التايلاندي طويل القامة (195 سم)، خطف مكانةً مميزة ضمن فئة وزن الديك بفضل ضرباته القوية وقدرته على شنّ الهجمات عن بُعد ومهاراته التقنية. ولكن رحلته نحو قمة رياضة المواي تاي بدأت بطريقة غير متوقعة، حيث شارك في العديد من أنواع الفنون القتالية المختلفة في الوقت نفسه.
في يناير، حقق عنان حلم حياته عندما هزم النجم الإسكتلندي نيكو كاريلو لانتزاع الحزام المؤقت عن الفئة الوزنية. وفي آذار/مارس، قدم أداءً رائعاً ضد أحد أبرز المقاتلين اليوم سوبرلك كياتمو وانتصر عليه ليكرّس مكانته كأحد أهم مواهب الجيل الصاعد.
تحدث عنان مؤخراً لموقع onefc.com عن مسيرته الرائعة في عالم الرياضات القتالية ودعم العائلة الذي مكّنه من تحقيق نجاحاته في هذا المجال.
اكتشاف الرياضة مبكراً
عنان، الذي وُلد في جزيرة باتايا التايلاندية، هو الأخ الأكبر في عائلة مكوّنة من ثلاثة أخوة وتعرف قيمة الفنون القتالية.
كان لوالده خبرة في الملاكمة في شبابه، مع أنه لم يُقاتل قط على أعلى المستويات. هذه الخلفية منحت العائلة تقديراً للرياضات القتالية، مما ساهم في رسم مستقبل عنان.
منذ صغره، أظهر عنان مهارات رياضية استثنائية وشغفاً باختبار قدراته في مختلف التخصصات. فبدلاً من أن يقتصر على رياضة واحدة، مارس أنواع متعددة في الفنون القتالية بتفانٍ كبير.
“وُلدت هنا في تايلاند، في باتايا. عندما كنت في السادسة من العمر، بدأت في ممارسة الكاراتيه، وفي سن السابعة، بدأت في ممارسة التايكوندو. كنت أمارس الرياضتين في الوقت نفسه.
“ثم في سن الـ11، بدأت في تدرّب المواي تاي. في مرحلة ما، كنتُ أمارس ثلاث رياضات في الوقت نفسه. ولكن عندما بلغتُ الحادية عشرة، قررتُ التوقف عن الكاراتيه والتايكوندو للتركيز فقط على المواي تاي”.
لقد ثبت أن قرار تضييق نطاق تركيزه كان محورياً في نجاحه.
بينما يُكافح العديد من المقاتلين الشباب للموازنة بين التزاماتهم المتعددة، كان أنان قد طوّر بالفعل الانضباط وأخلاقيات العمل اللازمة للتفوق على أعلى المستويات. وأصبح روتينه اليومي دليلاً على التزامه:
“كنا نذهب إلى المدرسة صباحاً كل يوم. كانت أمي تأخذنا أحياناً إلى المدرسة، لكن والدي كان دائماً يأتي ليأخذنا.
“كان يأتي إلينا كل يوم ليأخذنا مباشرةً إلى النادي الرياضي. كان هذا روتيننا اليومي – المدرسة، والنادي الرياضي، كل يوم، باستثناء يومي السبت والأحد، حيث لم تكن المدرسة متاحة فيهما”.
معركة أولى لا تُنسى
بدأت مسيرة عنان الاحترافية بنزال اختبر خلاله مهاراته وعزيمته. في الحادية عشرة من عمره فقط، واجه خصماً يفوقه خبرةً بكثير، وهو تحدٍّ كان ليُخيف معظم المقاتلين الشباب.
وتذكّر عنان ذاك النزال، قائلاً:
“لا أتذكر إسمه تحديداً، لكنني أتذكر النزال. كنت في الحادية عشرة من عمري، وكان في الخامسة عشرة. ربما خاض عشرين نزالاً، لكنها لم تكُن صعبة جداً بالنسبة لي. سدد ركلات إلى ساقي بشكل مكثّف، وفي اليوم التالي، شعرت بألم في ساقي. لكنني فزت، فلا بأس. لكن النزال كان صعباً”.
ورغم التكلفة البدنية الباهظة، فقد كان الفوز بمثابة لحظة حاسمة بالنسبة للمقاتل الشاب.
إلى جانب سعادته الناتجة عن تحقيق الانتصارات، اكتشف عنان أنّ شغفه يمكن أن يوفر له أيضاً مكافآت مالية – وهو الإدراك الذي أضاف دافعاً إضافياً إلى برنامج تدريبه:
“كنت سعيداً. وحصلت أيضاً على بعض المال، وهذا أسعدني حقاً. كنت صغيراً جداً في ذلك الوقت، وأدركت أنني أستطيع كسب المال بالفعل. هذا منحني الحافز. لذا استرحت قليلًا، ثم عدت للتدريب.
“في صغري، حتى القليل من المال كان يُشعرني بالكثير. كان ألف بات (حوالي 30 دولاراً أمريكياً) مبلغاً كبيراً بالنسبة لي آنذاك”.
أساس النجاح
طوال رحلة عنان، هناك شيء ثابت لم يتغير.
منذ تلك الأيام الأولى التي كان يتم فيها اصطحابه من المدرسة ونقله مباشرة إلى النادي الرياضي إلى وضعه الحالي كبطل عالمي في بطولة “ون”، كان وجود والده بمثابة القوة الدافعة:
“كان والدي دائماً يدعمني، ويشجعني منذ أول يوم تدريب لي، ليس فقط في المواي تاي، بل حتى في الكاراتيه. كان حاضراً كل يوم، يراقبني، ويأخذني إلى النادي الرياضي. كل يوم.
“والآن، أثمرت جهوده. لكن لم ينتهِ الأمر بعد. حتى الآن، كل يوم، لا يزال في النادي الرياضي يراقبني وأنا أتدرب، ويشجعني دائماً”.
لقد وفّر هذا المستوى من الدعم العائلي لعنان الأساس اللازم لمتابعة أحلامه دون تحفظ.
إنّ نهج والده داعم ومطالب في نفس الوقت، مما يخلق بيئة حيث التميز هو النتيجة الوحيدة المقبولة:
“تركني أفعل ما أريد. وكنت أرغب في ممارسة رياضة المواي تاي. عندما اخترتُ المواي تاي، قال لي: إذا اخترتَ هذا، فانغمس فيه تماماً. لم يتبقَّ لي خيارٌ آخر لأنني اخترتُ هذا، لذا عليّ الآن التركيز عليه. وكان يدعمني تماماً”.
يتفهم عنان أنّ ليس كل مقاتل يتمتع بنفس مستوى الدعم العائلي، وهو لا يأخذ تلك الأفضلية على أنها أمر مسلم به.
لقد شكل إدراكه لهذا الامتياز وجهة نظره بشأن طريقه الخاص والنضالات التي يواجهها المقاتلون الآخرون:
“كان والدي يدعمني. كان دائماً يساندني. لكنني أفهم أن الأمر أصعب بكثير بالنسبة للمقاتلين الذين لا يدعمهم أحد.
“أعلم أن بعض المقاتلين لا يحظون بنفس الفرص التي حظيت بها. ولكن حتى لو لم يكن لديك من يدعمك، استمر في السعي وراء أحلامك”.
https://www.instagram.com/reel/DFNsWfhuwmN/?utm_source=ig_web_copy_link
التطلع نحو النجاحات المستقبلية
أصبح عنان الآن أحد أبرز مقاتلي المواي تاي في العالم، وتستمر طموحاته في النمو.
ويمثل بطولة العالم المؤقتة بدايةً لما يأمل بأن تكون مسيرة أسطورية في بطولة “ون”:
“منذ بدايتي، أردت دوماً أن أكون بطلاً عالمياً. واصلتُ السعي. لم أُفكّر إن كان هذا مُقدّراً لي أم لا. إذا أردتَ شيئاً، فاسعَ إليه. انطلق واحصل عليه”.
لا يزال عنان في أوائل العشرينات من عمره، ويدرك أن أفضل سنوات حياته تنتظره.
إن ثقته في إمكانياته المستقبلية واضحة، كما أن التزامه بالتطوّر المستمر يشير إلى أن المشجعين لم يشهدوا إلا جزء مما يمكنه إنجازه.
“عمري الآن 21 عاماً، وقد وصلتُ إلى هنا بالفعل. بعد خمس سنوات، لا أعلم، لكنني سأكون خطيراً جداً. سأواجه مشكلة بالتأكيد”.