البيان الإماراتية
في نادي الفجيرة للفنون القتالية، تمارس ثماني شقيقات وهن حصة، سلمى، أصايل، سارة، شيخة، ماجدة، مريم، ومروة، لعبة التايكواندو، بعد أن جمعهن الشغف نفسه، وقررن خوض تجربة رياضية عائلية استثنائية.
تتلمذ الفريق العائلي على يد هشام أفقيري، مدرب التايكواندو في نادي الفجيرة للفنون القتالية، والذي كان له دور محوري في صقل مهاراتهن وتعزيز شغفهن باللعبة، قبل أن تأتي نقطة التحول في أحد معسكرات انتقاء لاعبات المنتخب، حيث التقت الشقيقات الكابتن منى زاكيني، التي آمنت بموهبتهن منذ اللحظة الأولى.
وقالت اللاعبات لـ«البيان»: «لا يمكن وصف فرحتنا عندما وصل إلينا خبر اختيارنا جميعاً لتمثيل منتخب الإمارات.. كانت لحظة استثنائية اكتملت بوجودنا معاً، وجعلت الفرح مضاعفاً».
حين قررت حصة، الشقيقة الكبرى، أن تبدأ مسيرتها الرياضية، لم تكن تتوقع أن تتحول تلك الخطوة البسيطة إلى مشروع عائلي مشترك.. قائلة: «كنت أسمع عن لعبة التايكواندو، لكن لم أكن مهتمة أو أعرف تفاصيلها.. كنت فقط أرغب في أن أصبح رياضية مثل إخوتي الكبار، ولا سيما أخي الذي اعتبرته قدوتي في الدراسة والانضباط».
وأضافت: «أقنعت والدتي بقدرتي على التوفيق بين الدراسة والنادي، وبعد تردد وافقت.. بدأت أولاً في نادي الشارقة، ثم مليحة، قبل أن أبدأ المرحلة الأهم في نادي الفجيرة للفنون القتالية، وهناك اصطحبت شقيقاتي معي.. ومنذ ذلك الحين، بدأت رحلتنا الجادة مع الكابتن هشام أفقيري، الذي كان مصدر إلهام وتشجيع دائم لنا».وعن دخول شقيقاتها عالم التايكواندو، قالت: «نحن دائماً قريبات من بعض، وإذا جربت شيئاً وأحببته، غالباً ما يتجهن لتجربته مثلي.. انضمامنا جميعاً للنادي كان من أجمل قراراتنا كعائلة، أصبحنا أقوى، أكثر التزاماً، وتعلمنا الكثير معاً».
نضج مبكر
كانت رياضة التايكواندو بالنسبة إلى سلمى، الشقيقة الثانية في العائلة، تجربة غيرت نظرتها للحياة، قائلة: «صارت ثقتي بنفسي أعلى، وتعلمت ضبط انفعالاتي، وخاصة في المواقف الصعبة.. التايكواندو علمني الانضباط والاحترام، وساعدني كثيراً على تطوير لياقتي ومهاراتي».
وأضافت عن أبرز الدروس التي خرجت بها من اللعبة: «أدركت أن الإنجاز لا يأتي إلا بالالتزام والصبر.. تعلمت كيف أتقبل الخسارة، وأفرح بالفوز دون غرور، وأن لكل نجاح طريقاً من التعب والانتظار».
وبحكم إدارتها لكثير من تفاصيل الفريق العائلي، حرصت سلمى على توجيه الشكر لكل من دعم مسيرتهن، قائلة: «الفضل للكابتن هشام أفقيري، الأب الروحي لنا جميعاً، وللكابتن منى زاكيني، التي آمنت بموهبتنا ورافقتنا كأنها من العائلة، ولنادي الفجيرة للفنون القتالية الذي وفر لنا بيئة احترافية».
واختتمت سلمى حديثها، قائلة: «عائلتنا كلها تعتز بإنجاز ماجدة، التي حصدت الميدالية البرونزية في بطولة آسيا، وكانت مصدر إلهام لنا جميعاً».
روح واحدة
وترى أصايل أن وجود شقيقاتها إلى جوارها في ساحة التايكواندو حافز قوي للتميز والاستمرار، قائلة: «المنافسة بيننا منحتني شجاعة أكبر، وإصراراً على أن أكون أفضل في كل مرة.. وجود شقيقاتي في نفس الفريق يعزز ثقتي بنفسي ويشعل داخلي روح التحدي».
وابتسمت وهي تتذكر بعض المواقف الطريفة، قائلة: «أحياناً كنا ننسى أننا في تدريب رسمي، وننخرط في لحظات من الضحك والمزاح، لكننا دائماً نستعيد تركيزنا بسرعة، لأن كل واحدة تمثل الأخرى وتدعمها».
ومن بين هذه المجموعة المتماسكة، تبرز سارة بطموحها اللافت وتفكيرها المبكر في المستقبل.. ففي سن السابعة عشرة، تمتلك رؤية واضحة لمسيرتها الرياضية، قائلة: «أطمح إلى أن أشارك في كل البطولات العالمية.. لا أضع سقفاً لطموحي، وأسعى للوصول إلى أبعد نقطة ممكنة».
وأضافت: «أركز على تطوير سرعتي وتركيزي وتكتيكي داخل المباريات.. المشوار طويل، لكنني مستعدة لكل تحدٍّ».
أما شيخة، ذات السادسة عشرة، فتبدو ناضجة في حديثها عن الرياضة، كأنها سبقت سنها بعدة أعوام.. حيث قالت: «الرياضة غيرتني.. صرت أقوى، أكثر التزاماً، وتعلمت كيف أحافظ على صحتي وأزرع في نفسي روح التحدي والثقة بالنفس».
وعن قدوتها، قالت: «شقيقاتي هن قدوتي.. سلمى، ماجدة، أصايل، سارة، وحصة.. كل واحدة تلهمني بطريقتها، وخاصة ماجدة، التي حققت منذ أيام الميدالية البرونزية في بطولة آسيا».
واختتمت شيخة حديثها: «فخورة بشقيقاتي، وأسعى دائماً إلى رفع علم الإمارات في كل بطولة أشارك فيها، وتحقيق المزيد من الإنجازات في رياضة التايكواندو».
قلوب واعدة
وبالنسبة إلى ماجدة، كان الفوز بأول ميدالية آسيوية لحظة طال انتظارها من الجميع، سواء من العائلة أو المدربين.. وعبرت عن مشاعرها بصدق، قائلة: «أول شعور راودني بعد التتويج كان أخيراً تحقق الحلم! ليس لأنني كنت أريده فقط، بل لأنني كنت أشعر بأن الكابتن هشام هو أكثر من ينتظر هذه اللحظة.. كنت أتمنى أن يرى الجميع أن الكابتن هشام أفضل مدرب تايكواندو في العالم».
أما عن طموحها المستقبلي، فتراه حلماً جماعياً، قائلة: «أتمنى أن أكون أنا وشقيقاتي من أفضل لاعبات التايكواندو في العالم، فهن يستحققن ذلك حقاً». ومن ماجدة إلى مريم، التي عاشت أجواء التايكواندو منذ وقت مبكر إلى جانب شقيقاتها، قبل أن تنضم رسمياً هذا العام، إذ قالت بابتسامة طفولية: «بدأت ممارسة التايكوندو بشكل رسمي، لكنني كنت دائماً أرافق شقيقاتي إلى النادي وأتدرّب معهن».
وعن أكثر ما تحبه في التمارين، أجابت مريم: «أحب كثيراً حركة دوليو تشياغي.. وهي الركلة الدائرية التي نلف فيها الجسم ونركل بمشط القدم، وأحب أن أتدرب مع شقيقاتي، لأن التمارين معهن ممتعة وتساعدني على التعلم بشكل أسرع».
أما مروة، أصغر الشقيقات والبالغة من العمر 8 سنوات، فتحدثت بشغف عن حبها للتايكواندو، قائلة: «أحب الذهاب إلى النادي كل يوم، أستمتع بالتدريبات واللعب، وأحلم بأن أحصل على الحزام الأسود في المستقبل».