يُدعى آلن كامبل، انكليزي الجنسية. هو رئيس الاتحاد العالمي للجوجيستو في استراليا، ورئيس الاتحاد العالمي للجوجيستو للتدريب والتطوير في بريطانيا.
وصل الى الكويت قبل فترة في اطار جولاته الدورية حول العالم، حاملاً شعلة الجوجيستو الكلاسيكي الياباني التي ورثها عن مدربه الراحل مواطنه «الغراند ماستر السوكي» روبرت كلارك.
«الراي» استقبلت هذا الرحّالة «الفخم» في مكاتبها واستعرضت معه تاريخ فن الجوجيستو ودوره في عالم الفن القتالي ورؤيته واهدافه.
بدأ السوكي كامبل حديثه معرّفاً بالجوجيستو فقال: «الجوجيتسو كلمة تنقسم الى قسمين:(جو)وتعني لطيفا او ليّنا اما (جيتسو) فتعني فنا او تقنية. فالمعنى الحرفي للكلمة هو فن الليونة وهو مجموعة متكاملة من الفنون القتالية اليابانية معا ولها ترجمة اخرى بمعنى الفن الراقي(Art Gentel)».
يقول كامبل:«يتمحور عملي في تعليم وتطوير فن الجوجيستو الذي تعود جذوره الى محاربي الساموراي. الجوجيستو فن قتالي للجميع، من الصغير الى الكبير. ليس حكراً على فئة معينة بل انه للذكور والاناث وحتى لذوي الاحتياجات الخاصة. ليس قائما على القوة بل على التقنيات والتوازن. هو بمثابة فن قتالي للدفاع عن النفس، ومن الممكن ان يتحول الى رياضة تنافسية تقام لها بطولات عالمية. يتميز الجوجيستو بكونه قادرا على جذب الرياضيين صغار السن. ليس كأي رياضة تدرس كيفية القتال، بل انه يلقن ممارسيه الاحترام والاتزان والالتزام والانضباط والوفاء والقوة».
الاصل والجذور
وعن اصل الجوجيستو قال: «تاريخنا طويل يمتد الى اكثر من ألفي سنة. يعتقد البعض بأن الانطلاقة كانت في اليابان وهذا ليس دقيقا. الجوجيستو تطور في اليابان لكن الولادة الاصلية لأغلب الفنون القتالية حصلت في الهند ثم الصين وبعدها وصلت الى اليابان وطورها الشعب الياباني كفن من فنون الساموراي القتالية. هناك فنون قتالية عدة، والراغب في ممارسة احدها يملك خيارات عدة. الجوجيستو تراث وإرث ونحن علينا تطويره والعمل على اظهاره للناس وتسهيل ممارسته».
واضاف:«لا ندعي بأن الجوجيستو اهم او افضل من الكاراتيه، فلكل فن قتالي ميزاته، لكن كل هذه الفنون تمتلك هدفا نهائيا واحدا. لكل فن قتالي ما يمنحه للناس. الكراتيه تمنح ممارسها الفرصة للركل واللكم، الجودو تمنحه المصارعة والتثبيت وفرصة المشاركة في بطولات، اما الجوجيستو فيقدم لكل الفئات فرصة تذوق معنى الفنون القتالية كفن وليس مجرد رياضة او وسيلة للدفاع عن النفس. علينا ان نشجعهم كي يستمتعوا بالجوجيتسو كفن، ومن ثم تلقينهم الانضباط الذي يجعلهم يهتمون بأنفسهم وهو ما يسعى اليه الأهل أيضاً في نهاية المطاف. لا نركل كل الوقت ولا نضرب كل الوقت، نعلّم المنتسبين الى منظومتنا الدفاع عن النفس».
أهلاً بالجميع
وتابع كامبل حديثه قائلا: «الجوجيستو يستقبل اي شخص، سواء كان لديه خبرة في فن قتالي اخر او لا. منظمتنا هي ثاني اكبر منظمة في العالم بعد الكاراتيه على صعيد عدد المنتسبين اليها. الكاراتيه والجودو تفرض عليك ان تخوض مباريات، في الجوجيستو تستطيع ممارستها فقط لترتقي بلياقتك واذا اردت خوض منافسات، فبإمكانك ذلك ايضا. من يمارس الجوجيستو قادر على ممارسة الكاراتيه والجودو والايكيدو وغيرها، ويستطيع استخدام الاسلحة. كما انه من الممكن ان يقوم شخصان يمارسان الجوجيستو بتقديم عرض لتقنيات هذا الفن القتالي امام الجمهور. الجوجيستو ام كل الفنون القتالية اذ تفرع منها الجودو والكاراتيه والكامبو والأيكيدو، ومن هنا قدرتها ان تمنح الجميع… بينما لا تأخذ هي من أحد».
وأكد بأن «الجوجيستو فن قتالي آمن يعتمد على المدرب، فإذا كان جيداً، لا تقع اصابات لدى الممارس الا في ما ندر. فئات الجوجيستو لا تأخذ في الاعتبار الوزن والسن. تعتبر نشاطاً غير مكلف، ما عليك سوى ان تشتري اللباس الخاص وتدفع أتعاب المدرب. هذا عمل ولدينا مدخول. لدينا مدربون. لدينا مصاريف ومداخيل. وما يفيض في ميزانياتنا نستغله مثلا للقيام برحلة الى دول اخرى يُمارس فيها الجوجيستو وذلك للالتقاء والارتقاء بالتلامذة. انها اعمال اشبه بالعائلية».
رؤية المدرب
وعن بداياته في عالم الجوجيستو، قال كامبل:«عندما كنت في الـ 19 سنة من العمر، قدمت عرضاً في مدينتي ليفربول عام 1976، كان هناك الكثير من الاشخاص من كل اوروبا ومنذ تلك اللحظة بدأ الجوجيستو بالانتشار اكثر فأكثر. عندما مات مدربي روبرت كلارك في 2012 كان لدي رؤية. لا احد يستطيع ان يمنحك الخبرة. قلت لنفسي: استطيع القيام بذلك. لم احلم يوماً بأنني سأزور معظم دول العالم، انا القادم من احد احياء ليفربول. في صبايا، كانت كرة القدم والملاكمة والفنون القتالية الاكثر رواجاً، وبدأت مسيرتي. آمنت بحلم مدربي الغراند الماستر روبرت كلارك وقررت المضي قدماً. سافرت معه الى معظم دول العالم، واحلم بتحقيق رؤيتي واتمنى ممن يتدرب معي ان يذهب بها ابعد مني. انه ارث أحمله. التقيت بزوجة بروس لي والكثير من الناس الذين قاموا باللقطات الخطيرة نيابة عن بروس لي في معظم افلامه المثيرة».
وكشف:«في 2003 ذهبت الى استراليا وامضيت 4 سنوات لتطوير الجوجيستو واستمتعت وبات لنا حضور في مختلف مناطق استراليا، ومركز دائم لاستقبال الراغبين في ممارسة هذا الفن القتالي مع مدربين يحصلون على رواتب، فضلا عن تسع مراكز لصغار السن».
وتابع: «بدأت قبل 45 سنة واليوم عمري 56 سنة. وما زال لدي الكثير لتقديمه. بدأ الجوجيستو العام 1971 وقمت بزيارة عدد كبير من الدول وتعرفت الى ثقافات عدة، وذلك كي استمر بالرسالة التي بدأها مدربي. بدأت مسيرتي في 1976 كصبي وسافرت مع مدربي الى دول عدة لتقديم الجوجيستو لان أحداً لم يكن يعلم بهذا الفن القتالي. اعتقد الناس في البداية بأنه شبيه بالجودو والكاراتيه، وانه رياضة. كان رد فعل الجمهور ايجابياً للغاية، وراح يسأل عن كيفية ممارسة هذا الفن القتالي والتدريب، ولا شك في ان مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا كبيرا في الاونة الاخيرة في توسيع رقعة الجوجيستو».
دعوات بالعشرات
وكشف:«جاءتنا دعوات بالعشرات لزيارة دول وتنظيم معسكرات تدريبية فيها للتعريف بالجوجيستو وتطويره وهذا ما دأبنا على القيام به. استنتجت في الكويت ان ثمة من يعرفون اسلوبنا في التدريب، واعتقد بأن طريقتنا هي الصحيحة للتعليم. نحن هنا للمساعدة. وكلّما كنا جيدين، أصبحنا أقوياء أكثر. المهم أن نثبت بأن لنا خصوصيتنا ومبادئنا التي يثق فيها الناس ويتبعونها. وفوق كل ذلك علينا نشر وتعليم هذا الفن القتالي وتبيان انه وُجد للدفاع عن النفس. جئت الى الكويت في محاولة لنقل جزء من خبرتي، والتواصل مع الجميع لتعليم الجوجيستو والتعريف به. اطلب من تلاميذي ان يذهبوا الى المدارس ويتوجهوا الى الاهل ويثبتوا بأن الجوجيستو انضباط واحترام وصقل للموهبة. كنت في لندن في الاونة الاخيرة، الدنمارك، ايطاليا، سنغافورة، نيوزيلندا، في جولة حضرت خلالها العديد من المعسكرات التدريبية الخاصة بالجوجيستو، ولمست بأن الناس حول العالم يعرفون من نكون. لدينا اول اكاديمية في الكويت ولدينا ممثلون في هذا البلد ونتمنى ان تتسع رقعة حضورنا في منطقة الشرق الاوسط. نود ان نصبح في هذه المنطقة من العالم بمثابة العلامة الفارقة. نحن منظمة مستقلة ونشاطنا متواجد في 42 دولة، وهذا شرف كبير بالنسبة لي ان ازور الكويت للمرة الاولى بعد ان تلقيت دعوة للحضور للمشاركة في معسكر تدريبي».
واستطرد: «في استراليا، صودف ان دخل سائح ايطالي وزوجته الى احد المحال، فرأى شعار منظمتنا، فعرف انها تعود الى الن كامبل وسأل عن الـ«دوجو» (مكان ممارسة الجوجيستو). كان مركزنا يبعد بعض الامتار، فجاءنا والتقيناه. علينا ان نكون علامة تجذب عشاق هذا الفن القتالي».
الهدف المأمول
وعن هدفه الراهن، قال: «اليوم اسعى الى توحيد مختلف انواع الجوجيستو الذي تشرذم بعد رحيل مدربي كلارك، وتنظيمه وابعاده عن السياسة. نطمح في يوم من الايام الى فرض الجوجيستو ضمن جدول الرياضات الاولمبية من خلال اعتماد قوانين موحدة مفهومة من الجميع تماما كالجودو والكاراتيه اللتين بات لكل منهما لغة واحدة وقوانين موحدة. نحاول توحيد الجوجيستو قبل طلب دخول الالعاب الاولمبية والتمكن من وضع قوانين للمباريات. ولتحقيق هذا الهدف علينا التسويق لهذا الفن القتالي، وتوحيد العبارات التقنية المعتمدة، والتأكيد على وجوب ان نعمل سوياً. علينا تبنّي رؤية، واعتماد معايير موحدة، والمهمة ليست سهلة لأن لا احد يريد الجلوس حول طاولة مستديرة لتوحيد القوانين حالياً. في الملاكمة مثلا هناك قوانين موحدة حول العالم، وهذا ما نسعى الى تحقيقه في الجوجيستو».
شرف كبير
اما الدكتور قتيبة العلي ممثل الاتحاد العالمي للجوجيستو – التدريب والتطوير في الكويت فقال: «انه شرف كبير لنا ان يأتي السوكي آلن كامبل الى الكويت، نحن ما زلنا لا نستوعب ذلك. قدمنا له تذكرة السفر فقط، ولم يحصل على اي مقابل مادي للقيام بالتدريب. جاء ليمنحنا التمثيل الرسمي مع العلم اننا متواجدون في هذه الاجواء منذ اكثر من 13 سنة».
واضاف: «الجوجيستو الذي يقدمه كامبل هو الجوجيستو الكلاسيكي الياباني وهو منتشر في الكويت. الفضاء مفتوح على الانترنت والتلفزيون. الفنون القتالية انتشرت بشكل كبير والناس بدأت تدرك وتتعرف الى كل شيء. حاولنا بقدر ما يمكن ان نمارس هذه الفنون القتالية ونطور انفسنا فيها».
وتابع: «الجوجيستو فن قتالي قوي جدا في علم الاشتباك ويعتمد طبيا على علم التشريح وعلم وظائف الاعضاء وفهم كامل للهيكل العظمي وخصوصا المفاصل وايضا فهم للعضلات والاعصاب ونظام خطوط الطاقة ونقاطه المنتشرة في الجسم».
واستطرد: «نحن لا نحصل على اي دعم من اي جهة. نعتمد على انفسنا. التطوير الذي نقوم به ذاتي والجهد ذاتي».
وكشف بأن «القيمين على الجوجيستو في العالم يحاولون الوصول الى الالعاب الاولمبية الدولية ودخول الاولمبياد. القيّمون على الجودو نزعوا منها النواحي الخطرة وعدّلوها وبعدها دخلت في الرياضات الاولمبية. في الالعاب القتالية الاخرى جرى فرض الواقيات على اللاعبين واعتماد قوانين تحد من العنف وتحمي الشخص الممارس».
وختم: «نقدم جزيل الشكر الى هذا المدرب العظيم الذي جاءنا فقط لتعليم فن الجوجيتسو ووضع الضوابط وخريطة العمل والاهداف للرقي بفن الجوجيتسو وطلب منا التركيز على الدوجو اي الصالة الرياضية التي ندرب فيها هذا الفن للرقي ولتكون على مسارها الصحيح كما بدأها السوكي كلارك».
المصدر : http://www.alraimedia.com/UI/PDF.aspx?i=13112&p=65